فجأة التفت المدرس ،لمح الشمس بازغة تطل من النافذه، فنبه التلاميذ إلى وجودها ،ثم سألهم “ماهذه؟” .. رفع تلميذ أصبعه ،فأجاب “تفوكت” ..غضب المدرس ،فعقب قائلا ” إنها الشمس” ..ثم طلب من التلاميذ أن يرددوا وراءه لفظة “الشمس” مرات عدة..
تعلم التلاميذ اللفظة ،فعاد المدرس إلى درسه..حين انتهى منه ،قصد التلميذ الجالس في الصف الأمامي ..سحبه من يده ..أوقفه أمام الباب..أشار بأصبعه نحو الشمس ،ثم سأله..”ماهذه؟”
دون تردد أجاب
الطفل :
“في المدرسة اسمها الشمس، وفي البيت اسمها “تفوكت”.
ارتفعت قوقأة الدجاجة في الأجواء..سمعتها المرأة العجوز،فقالت في نفسها” لقد باضت الدجاجة” وقامت متهالكة، تجر خطواتها بحثا عن البيضة .
في نفس الوقت، سمع صبي – اعتاد سرقة البيض –صوت الدجاجة ،فقال في نفسه ” فلأدرك البيضة ،قبل أن تقع في يد العجوز”
بسرعة تسلل نحو الزريبة ..سطا على البيضة ،وانسحب.
حين وصلت المرأة العجوز ،بحثت في كل مكان ،فلم تجد البيضة..حينذاك قالت في نفسها ” لم تعد هذه الدجاجة
نافعة في شيء،يجب ذبحها”.
هي امرأة وحيدة، منذ أن غادرها زوجها فجاة ،ودون مبررات مقنعة.. اعتادت ،كل ليلة ،قبل نومها، فتح صندوق.. بأناة وحرص شديدين تخرج منه معطفا ،خلفه الزوج وراءه ..تتأمله جيدا..تستنشق رائحة أنهكها تداول الأيام..تشهق باكية..بعد أن تنفرج غمة في صدرها ،تعيد المعطف إلى مكانه ..تغلق الصندوق،ثم تأوي إلى فراشها..
في معرة النعمان ،كان أبو العلاء مكتفيا بذاته ..معتزلا الناس، يفكر بتمعن شديد في الجنة والجحيم ..
بعد ثلاثمائة عام ،وعلى بعد آلاف الأميال من المعرة ،شاء مكر التاريخ أن يجلس دانتي وحيدا ،ليفكر – باختلاف في التفاصيل طبعا – في نفس الموضوع تقريبا..
حدث كل ذلك ..فقط ليطرح بعد مئات السنين سؤال حقيقي:
-ترى هل اطلع صاحب "الكوميديا الإلهية " على" رسالة الغفران".
في مزرعة نائية ،أصيبت دجاجة بأنفلوانزا الطيور ،فاكتسحها رشح مزمن ..كل الدجاج علم بالخبر فتجنبها..وحده ديك تعاطف معها ،فلازمها..أبدا لم يفارقها لحظة..بعد مدة انتقلت عدوى المرض إليه فابتعد عنه باقي الدجاج..بعد أيام قرر الديك والدجاجة مغادرة المزرعة ،كي يهيما على وجهيهما ، في انتظار المصير المحتوم..
ليلا تسللا خارج المزرعة دون أن يفطن لهما أحد..
صباح الغد ،أصدرت السلطات قرارا بإعدام جميع طيور المنطقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق