طلّق يوماً قاسم العدويّ زوجته ثلاثاً، وراح في اليوم التالي يتحسّر على طلاقها، ويسأل الناس عمّن يحِلّ له زوجته، فقيل له: " لا تحلّ لك حتى تنكِح زوجاً غيرك "، وزوجته تقسم أنها لن تكشف وجهها لرجل غريب.
وحين يئس من عودة زوجته إليه قصد صديقه أشرف الحدّاد، ورجاه أن يتزوّج امرأته ليلةً واحدةً، ثمّ يطلّقها في الصباح، وما إن خطبها الزوج الجديد من أهلها حتّى قبلته بلا تردّد، وراحت تتحسّر على أيّامها الماضيّة. ومنذ تلك الليلة لم تعد زوجة قاسم العدويّ تلتقي صديق زوجها خلسةً.
25/ 1/ 2001
القرد
جاء الوزير إلى الملك، وهو يلهث خوفاً وهلعاً، وقال له: " أطبق – يا صاحب الجلالة – جنود المملكة على القصر حتّى لم يبق لنا من مهرب ! ".
قال الملك متسائلاً: " ماذا يريد هؤلاء الجنود ؟ ".
قال الوزير: " يدّعون – يا سيّدي – أنّ أسلحتهم قد صدئت، ولن تصلح بعد اليوم لمواجهة الأعداء ".
قال الملك لوزيره ضاحكاً: "قل لهؤلاء الخائبين: الحرب خدعة لا بندقيّة ولا سيف ".
لم يصدّق جنود المملكة ما قاله الوزير، وظلّوا أيّاماً يربضون أمام أبواب القصر الموصدة حتّى خرج الملك إليهم يوماً، ولمّا رأوه أوّلَ وهلة راعهم أنّ صاحب الجلالة الذي ظلّ يحكمهم سنواتٍ ليس إلاّ قرداً قميئاً في ثياب فضفاضة وتاج مذهّب.
30/ 1/ 2001
قصيدة حبّ
يوماً ما كتب شاعر قصيدة حبّ، سرعان ما أصبحت بين يديه حمامةً بيضاء، رفرفت بجناحيها، وطارت بعيداً في أعالي السماء، وما إن رآها صيّاد أرعن حتّى أطلق النار عليها.
عبثاً كان الصيّاد يبحث عن صيده الثمين بين أسطر القصيدة.
3/ 2/ 2001
صديقان
بعد سنوات طويلة التقاه، وشكا إليه ظلم ذوي القربى، وبكى أمامه بكاءً مرّاً.
ماءَ القطّ مواءً شجيّاً، وراح يلعق دموعه الساخنة.
4/ 2/ 2001
أمين المستودع
لاحظ موظّفو الشركة أنّ أشرف الحدّاد أمين المستودع الجديد قصير القامة، ولكنّهم لم يلاحظوا أنه أعسر أيسر إلاّ بعد أيّام. فإذا ما أراد رفّاً من أرفف المستودع ارتقى سلّماً خشبيّاً، وإذا ما أمسك قلماً كتب بيمناه ويسراه.
يوماً بعد يوم لفت موظّفي الشركة أنّ درجات السلم أخذت تتناقص واحدةً تلو الأخرى حتّى لم يبق للسلّم من أثر، ورأوا أن يدي أمين المستودع صارتا تصلان أعلى رفّ من رفوفه الخاوية.
20/ 1/ 2003
رجل وامرأة
أنجب ثلاثة أولاد: أكبرهم كان طبيباً للعيون، وأوسطهم كان مهندساً، وأصغرهم كان مدرّساً للموسيقى. وحين أسنّ شعر بالوحشة، فقال لزوجته العجوز: " ليتني كنت رجلاً عقيماً "، وقالت له زوجته، وهي تجهش: " ليتني كنت امرأةً عاقراً ".
اتكأ أحدهما على الآخر، وذهبا إلى ملجأٍ للأيتام قريبٍ، وتبنيا ولداً لقيطاً، لا أمّ له ولا أب.
11/ 2/ 2003
النسر
على غير هدى ركض باتجاه الساحة العامّة في المدينة، ليلقي نظرةً على موكب جلالة الملك الذي ينتظره أهلها منذ الصباح الباكر، وهم يرفعون أعلام المملكة عالياً، ويهتفون بحياة جلالته وحياة وليّ عهده الأمين.
من بعيد لاح له موكب الملك، فحاول أن يخترق الصفوف، ولكنّ شرطيّاً نهره، فلم يجرؤ على مغادرة مكانه، والموكب يقترب شيئاً فشيئاً من الساحة. وحين علت الأصوات وقف على رؤوس أصابعه حتّى رأى الملك، وهو يلوّح لأهل المدينة بيدين واهنتين وعينين زائغتين، فراعه أنّ جلالة الملك بلا شاربين، وراح يتلمّس بأصابعه النحيلة شاربيه المعقوفين كجناحي نسر.
2/ 1/ 2004
ليل طويل
ليلاً نهض من فراشه، وفتح نافذة غرفته الضيّقة كالقبر، فأشرف على ليل بهيم، وقال في سرّه: " ما أطول هذا الليل ! ".
وفي الصباح الباكر أشرع النافذة إلى ريح باردة كالثلج، وراح يترقّب الشمس التي رآها تأفل البارحة بوجه شاحب، وهو في طريقه إلى المقبرة.
8/ 3/ 2004
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق